دبي, الإمارات العربية المتحدة، ; 4 يوليو , 2018: مع استمرار برامج الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تستقطب أسواق الأسهم في مصر والمملكة العربية السعودية اهتمام المستثمرين في الأسواق الناشئة، وذلك وفقاً لورقة بيضاء صادرة بشكل مشترك عن شركة الإمارات دبي الوطني لإدارة الأصول (دبي) وشركة "جوبيتر لإدارة الأصول" (لندن). وتقدم الورقة، التي تحمل عنوان "الأسهم في الأسواق الناشئة: ترقية الأسواق المالية إلى الأسواق الناشئة ومنطقة الشرق الأوسط"، نظرة عامة تحليلية لأداء أسواق الأسهم الإقليمية في عام 2018، والأسواق والقطاعات المستهدفة فيما يتعلق بتخصيص الأصول، وما تعنيه ترقية السوق السعودية في مؤشر مورغان ستانلي كابيتال للأسواق الناشئة.
لقد أصبحت صورة الاقتصادات الناشئة أكثر قوة على مستوى العالم حالياً حيث تواصل الأسهم في الأسواق الناشئة الاستفادة من بعض العوامل المواتية على المدى الطويل مثل التركيبة السكانية وتزايد انتشار المنتجات الاستهلاكية. وتشكل هذه العوامل، على خلفية استمرار نمو الأرباح، دفعة قوية للأسهم في الأسواق الناشئة والحدودية. وتُظهر كل من السعودية ومصر، من بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أفضل إمكانات النمو حاليًا.
يقول روس تيفيرسون، رئيس قسم الإستراتيجية - الأسواق الناشئة في شركة جوبيتر لإدارة الأصول :
"لقد كان أداء الأسواق الناشئة قويًا في عام 2017، وقد استمر هذا الاتجاه الإيجابي في عام 2018. وهذا العام، فقط 1% من مؤشر MSCI للأسواق الناشئة حسب وزن البلد لديها عجز مالي من المرجح أن يصل إلى أكثر من 3% من الناتج المحلي الإجمالي. إضافة إلى ذلك، فقد أصبحت البلدان حاليًا أقل اعتمادًا على أدوات الدين المقومة بالدولار الأمريكي. وبالنظر إلى الأسواق الناشئة من الأسفل إلى الأعلى، نجد أن هناك الكثير من الأسهم التي توفر إمكانية تحقيق عائدات مجدية طويلة الأجل، خصوصًا في مجال السفر والسياحة، والخدمات المالية، والتكنولوجيا".
تقترح الورقة البيضاء المشتركة، التي تظهر بيانات على مدى 30 عاماً، أنه في حال قيام المستثمرين بشراء أسهم الأسواق الناشئة وفقًا للقيمة الدفترية الحالية والتي تتراوح ما بين 1.6 إلى 1.8 مرة، قد يؤدي ذلك إلى زيادة بنسبة 50% على مدى السنوات الخمس التالية. وتشير الورقة البيضاء أيضاً إلى أنه بما أن مؤشرات الأسواق الناشئة تميل نحو الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة ولها تركيزات عالية في بعض البلدان والقطاعات، فإن الفرص المتاحة أمام المستثمرين تكمن في إنشاء محفظة تغطي الشركات الصغيرة والمتوسطة.
في العام 2018، دفعت التوقعات بترقية السوق السعودي في مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال للأسواق الناشئة، التي باتت مؤكدة حالياً، إلى نمو مؤشر تداول لجميع الأسهم (تاسي) بنسبة 15% منذ بداية العام حتى اليوم، بتناقض هائل مع مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال للأسواق الناشئة نفسه، الذي انخفض بنسبة 2% لهذا العام. فبوزن 2.6% تقريبًا ومع اختيار 32 ورقة مالية، لا يمكن تجاهل أهمية الترقية كمحفز لسوق رأس المال السعودية.
ومن جانبه، علّق سلمان باجوا، المسؤول التنفيذي في بنك الإمارات دبي الوطني لإدارة الأصول قائلًا:
"في ظل مجموعة من التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث في المملكة العربية السعودية - بما في ذلك السماح للنساء بالقيادة وافتتاح دور السينما الأولى - نشهد فرصة كبيرة لمستثمري الأسواق الناشئة في 2018-2019. وفي الوقت الذي تمكنت فيه المملكة من سد فروقات الصرف الأجنبي مع إصدار سندات الدين المقومة بالدولار الأمريكي، يمكن تحقيق الكثير من خلال سوق المالية السعودية، لاسيما بعد إدراجها في مؤشرات فوتسي راسل ومورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال للأسواق الناشئة. فقد تضاعف نمو مؤشر تداول لجميع الأسهم منذ بداية العام وحتى اليوم، وتجاوز صندوق الأسهم السعودية نسبة 18% من العائدات، نظراً لزيادة تفاؤل المستثمرين بشأن المملكة. وكان مدراء الصناديق الذكية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وآسيا قد دخلوا السوق السعودي بالفعل ما قبل الترقية، حيث بلغت التدفقات الأجنبية الداخلية أكثر من 3 مليارات دولار أمريكي بحلول مايو 2018، ما يعادل جميع التدفقات إلى أسواق الإمارات وقطر للعام 2014 بأكمله، عندما تمت ترقيتها. ونتوقع استمرار هذا الزخم طوال السنة."
وتابع تيفرسون قائلاً:
"قد تبدو بعض القطاعات في المملكة العربية السعودية جاذبة للوهلة الأولى، لكن على المستثمرون أن يكونوا انتقائيين وأن يتجنبوا اتباع المؤشرات بشكلٍ عشوائي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإصلاحات الاقتصادية مثل إدخال ضريبة القيمة المضافة وإلغاء الدعم عن الوقود قد تعيق النمو في المرحلة الأولى. ومع ذلك، من المتوقع أن تستفيد أبرز القطاعات المستهدفة بما في ذلك شركات الرعاية الصحية والمستهلكين والتأمين من الإصلاحات الهيكلية ومن تغطية وزن مؤشر المملكة للأسواق الناشئة".
كما تؤكد الورقة البيضاء على استقرار الاقتصاد المصري، والذي من المتوقع أن يشهد فترة من الانتعاش على مدار 12-18 شهراً القادمة، من خلال مجموعة من العوامل التي تدعم النمو على المدى المتوسط إلى الطويل. بعد بلوغ أعلى معدل له عند 33% في يوليو 2017، بدأت معدلات التضخم في العودة إلى مستوياتها الطبيعية، حيث انخفضت من 13.1% في أبريل إلى 11.4% في مايو 2018 (على أساس سنوي). ومع استقرار الجنيه المصري مدعوماً بتعزيز الاحتياطيات الأجنبية، ستشمل العوامل الأخرى التي تدعم النمو الاقتصادي في مصر الأداء المحسن لسوق الأسهم المحلية والخطوة التي قامت بها البلاد مؤخراً لضمان الاكتفاء الذاتي من الغاز. بينما سيُسهم انخفاض أسعار الفائدة في تقديم الدعم إلى سوق الأسهم المحلية، خصوصاً في قطاعات مثل العقارات.
تتسم التوقعات بالنسبة للأسهم المصرية بالإيجابية، إذ من المتوقع أن تعود مستويات التداول في مؤشر إيجى إكس 30 إلى ما كانت عليه من ارتفاع في عام 2014، ما يوفر عائدات محتملة بنسبة 40% إلى 50% خلال العامين المقبلين. بالإضافة إلى ذلك، ومع ارتفاع قوة الجنية المصري، من المتوقع أن تستفيد الشركات التي تعتمد على الواردات من الأرباح المحسنة.
وأضاف باجوا:
"بالنظر إلى المستقبل، نعتقد أن البنوك المصرية ستواصل أداءها الجيد، وذلك بأخذ فائض السيولة من خلال تعبئة سندات الخزانة التي تحقق هوامش فائدة صافية كبيرة. ومن المتوقع أن يستفيد قطاع المستهلكين كذلك من انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع الأجور، وستستفيد الشركات العقارية من انخفاض أسعار الفائدة، ما يحسن القدرة على تحمل التكاليف. فيما ستجذب الشركات الصناعية استثماراً أجنبياً مباشراً متزايداً باعتبارها المرحلة التالية من النمو، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع الصادرات بوتيرة سريعة. غير أن الاستثمار في الأسهم المصرية لا يخلو من المخاطر، حيث من المحتمل أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى بعض الضغوط على مستويات التضخم. كما سيؤثر الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه المصري سلبًا على العائدات المرتكزة على الدولار الأمريكي، ويمكن أن تؤدي المخاطر الجغرافية والسياسية المتزايدة إلى تغيير موقف المستثمرين تجاه السوق".
وتخلص الورقة البيضاء إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من بين الأسواق العالمية الناشئة الأخرى، تتيح فرصاً كبيرة خلال العامين 2018-2019، وتبدو الإمكانات التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية ومصر هي الأكبر في المنطقة ككل. إذ تشهد مصر استقرارًا متزايدًا في الآونة الأخيرة، في حين أن المملكة العربية السعودية، وهي سوق كبيرة بالفعل وتمتاز بسيولة مرتفعة، باتت مؤهلة حاليًا لتلبي توقعات المستثمرين الدوليين قبل ترقيتها. ومع استمرار نمو الأرباح، وزيادة الاستقرار السياسي، وارتفاع انتشار المنتجات الاستهلاكية، من المرجح أن تقدم الأسهم بمختلف أحجام رأس المال عوائد جذابة على المدى الطويل.